قد يظن أحدهم أنه إذا استحضر غرائب الكلمات وزخرف جمله بالمحسنات..
وخلط حروفه بعضها ببعض... ورصف كلماته فقدّم واحدة وأخـّر أخرى
واستعار وكنـّـى وشبـّـه وحسّن وجنـّـس ...
وأخرج مخزونه من المعاني.. ووضب ذلك في أعمدة أو قفى جمله
في أسطر أو شطح به الخيال إلى الأفق البعيد وعزف مع أمواج البحر لحنه
فملأ الأقداح بصبوات الضياء الهاطل نبعاً فضياً يروي عطش السنين
يظن أنه يقول الشعر !!!!
هذه الكلمة التي تحملت وتحملت ..
تحملت عبث المتشاعرين وغثاثة المتطفلين وأثقال المتقولين
وبلادة الذين نضب شعورهم يريدون أن يقحموا أنفسهم فيما ليس لهم
وليسوا أهلاً له ... يريدون أن يقتحموا أسواره بمنجنيقاتهم ويدكوا قلاعه بأفواههم
ويهتكوا أسراره بأظافرهم ويروّضوا ما ظنـّوا أنه مطية برية متوحشة ..
يظنون أنهم إذا توجعوا وتأخخوا وتأوهوا وندبوا يكونون شعراء
وبقدر ما يحمله قولهم من عويل ونزيف ودماء وبكاء ودموع بقدر
ما يكون هذا القول شاعرياً لا يشق له غبار
وقد يظن آخر أن الشعر هو النظم والوزن والعروض
والتفعيلات والجوازات والقافية والنحو والصرف وقواعد اللغة
وما خرج عن هذا فليس بشعر بل ولد سفاح أنكره أهله
فإذا لم يكن هذا ولا ذاك شعراً فما هو الشعر
ما هو هذه الوصفة السحرية العجيبة والخلطة الغريبة
وما هو هذا المركب الكيماوي المعقد وما معادلته ومواده العضوية واللاعضوية
ومم تركبت هذه العجنة وما هو طحينها من أين نأتي به وكيف نحضره
ومقدار الماء والملح الذي يجب أن يضاف
وكم من الوقت ننتظره حتى يخبز وكم حرارة الفرن يجب أن تكون
حتى ينضج دون أن يحترق ...
ما هو هذا الابتكار الفريد الذي احتكره بعض الذين يقال عنهم شعراء
حباهم الله وخصهم بالموهبة والملكة وحدهم دون سواهم
أما غيرهم فمحرمٌ عليه أن يعتـّـب أعتاب هذا الميدان فهو ليس من فرسانه
لا مطية له يمتطيها ولا سيف له يجرده ولا رمح يبارز به
حقاً !!! ؟؟؟؟
فما هو وكم وما وكيف وممّ وإلامَ وهل ؟؟؟
{ تعريف الشعر }
باختصار شديد وبتعريف مقتضب موجز لكنه جامع شامل ومجمع عليه :
الشعر هو :ذلك الفن الأدبي من الكتابة الذي يتميز بالوزن والنغمة والإيقاع والتناسق والانسجام
وكل ما خرج عنه خرج إلى خانة الكتابة النثرية ولا يندرج بخانة الشعر.
وقسّم علماء الأدب أدبنا العربي إلى قسمين ومحورين ونوعين وجوهرين
رئيسين لا ثالث لهما إنهما : الشعر والنثر
والنثر بأقسامه المختلفة : من قصص وروايات وخطب ووصايا
ومقالات و ... وكل ما خلاه وزن ونغمة وإيقاع ونسق..
مما يميز النوع الآخر وهو الشعر.
وينقسم الشعر بدوره إلى :
1-الشعر الكلاسيكي العمودي التقليدي
والقصيدة ذات الشطرين أو الشطر الواحد أو الموشح أو الرباعيات أو المخمسات ..
2-الشعر الحديث أو شعر التفعيلة أو الشعر الحر .. وهي تسميات
عديدة لنوع واحد كسر قوالب الشعر العمودي وحافظ على النغمة والوزن
ولو خرج عنها لخرج إلى الكتابة النثرية ولم يعد شعراً
إذاً هذا ما اتفق عليه كبار النقاد والأدباء والشعراء
والحد الفاصل بين الشعر والنثر إذا هو النغمة والإيقاع والوزن
وهذا في الشعر العربي وخاصية الشعر العربي والتي تميزه عن شعر الآداب الأجنبية
{ تعريف معاجم اللغة للشعر }
في لسان العرب:
والشِّعْرُ منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وإِن كان كل عِلْمٍ شِعْراً من حيث غلب الفقه على علم الشرع، والعُودُ على المَندَلِ، والنجم على الثُّرَيَّا، ومثل ذلك كثير، وربما سموا البيت الواحد شِعْراً؛ حكاه الأَخفش؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقويّ إِلاَّ أَن يكون على تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، والهواء للطائفة من الهواء، والأَرض للقطعة من الأَرض.
وقال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم.
وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً وشَعْراً وشَعُرَ، وقيل: شَعَرَ قال الشعر، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ ورجل شاعر، والجمع شُعَراءُ. قال سيبويه: شبهوا فاعِلاً بِفَعِيلٍ كما شبهوه بفَعُولٍ، كما قالوا: صَبُور وصُبُرٌ، واستغنوا بفاعل عن فَعِيلٍ، وهو في أَنفسهم وعلى بال من تصوّرهم لما كان واقعاً موقعه، وكُسِّرَ تكسيره ليكون أَمارة ودليلاً على إِرادته وأَنه مغن عنه وبدل منه.
ويقال: شَعَرْتُ لفلان أَي قلت له شِعْراً؛ وأَنشد: شَعَرْتُ لكم لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ على غَيْرِكُمْ، ما سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ ويقال: شَعَرَ فلان وشَعُرَ يَشْعُر شَعْراً وشِعْراً، وهو الاسم، وسمي شاعِراً لفِطْنَتِه.
وما كان شاعراً، ولقد شَعُر، بالضم، وهو يَشْعُر.
والمُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الشِّعْر.
وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه، بالفتح، أَي كان أَشْعر منه وغلبه.
وشِعْرٌ شاعِرٌ: جيد؛ قال سيبويه: أَرادوا به المبالغة والإِشادَة، وقيل: هو بمعنى مشعور به، والصحيح قول سيبويه، وقد قالوا: كلمة شاعرة أَي قصيدة، والأَكثر في هذا الضرب من المبالغة أَن يكون لفظ الثاني من لفظ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ.
وأَما قولهم: شاعِرُ هذا الشعر فليس على حدذ قولك ضاربُ زيدٍ تريد المنقولةَ من ضَرَبَ، ولا على حدها وأَنت تريد ضاربٌ زيداً المنقولةَ من قولك يضرب أَو سيضرب، لأَمن ذلك منقول من فعل متعدّ، فأَما شاعرُ هذا الشعرِ فليس قولنا هذا الشعر في موضع نصب البتة لأَن فعل الفاعل غير متعدّ إِلاَّ بحرف الجر، وإِنما قولك شاعر هذا الشعر بمنزلة قولك صاحب هذا الشرع لأَن صاحباً غير متعدّ عند سيبويه، وإِنما هو عنده بمنزلة غلام وإِن كان مشتقّاً من الفعل، أَلا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة دَرّ في المصادر من قولهم لله دَرُّكَ؟ وقال الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صاحب شِعْر، وقال: هذا البيتُ أَشْعَرُ من هذا أَي أَحسن منه، وليس هذا على حد قولهم شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صيغة التعجب إِنما تكون من الفعل، وليس في شاعر من قولهم شعر شاعر معنى الفعل، إِنما هو على النسبة والإِجادة كما قلنا، اللهم إِلاَّ أَن يكون الأَخفش قد علم أَن هناك فعلاً فحمل قوله أَشْعَرُ منه عليه، وقد يجوز أَن يكون الأَخفش توهم الفعل هنا كأَنه سمع شَعُرَ البيتُ أَي جاد في نوع الشِّعْر فحمل أَشْعَرُ منه عليه.
وفي الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ عليكم شَيْءٌ من القرآن فالْتَمِسُوهُ في الشعر فإِنه عَرَبِيٌّ.
ومثله القاموس المحيط
معجم آخر معاصر (الوسیط)
الشعر: كلام موزون مقفى قصداً
وفي اصطلاح المنطقيين: قول مؤلف من أمور تخييلية, يقصد به الترغيب أو التنفير كقولهم:
الخمر ياقوتة سيالة, العسل قيء النحل
والشعر المنثور: كلام بليغ مسجوع يجري على منهج الشعر في التخييل والتأثير دون الوزن.أخيراً وبعد كل ما تقدم :
أرجو من إخواني وأحبابي أن يراجع كل منهم ما يكتب ويعرضه على الأسس البسيطة سالفة الذكر قبل أن يعتمد موضوعه الشعري وينشره